رواية عالم أليفيا (الجزء الثاني) | عمار خليل
عالم أليفيا
2024, عمار خليل
فانتازيا
مجانا
بعد مغادرتهم وادي الظلال، واجهوا أراضٍ قاحلة ومخيفة، متجهين إلى جبل يحيط به برقٌ دائم وعواصف صاخبة. خلال الطريق، يظهر انسجام الفريق في مواجهة المخاطر مثل الأشباح في "أرض الصدى"، التي لم يكن التغلب عليها بالسيوف، بل بالإصرار والتماسك. لاحقًا، في القلعة المهجورة، تتجلى عبقرية محمد، وشجاعة معاذ، ومرونة ليلى، حينما واجهوا وحشًا حجريًا بأسلوب يجمع القوة والحيلة.
ليلى
البطلة الرئيسية التي تدخل عالم أليفيا عبر بوابة غامضة. تجسد روح البحث عن الذات والشجاعة في مواجهة المجهول.معاذ
محارب مخلص لعالم أليفيا، يساعد ليلى ويقدم الدعم لها في مهمتها، لكنه يظهر حذرًا تجاه الغرباء.حكيم الوادي
الشخصية الحكيمة التي تكشف أسرار عالم أليفيا وتوجه المجموعة نحو مهمتهم في العثور على مفاتيح التوازن.عالم أليفيا - عمار خليل
الفصل السادس: رحلة إلى جبل العواصف
بعد مغادرتهم وادي الظلال، بدأ الأبطال الثلاثة رحلتهم نحو جبل العواصف، حيث ينتظرهم المفتاح الثاني. الخريطة التي أعطاها لهم الحارس القديم كانت غامضة، مليئة بالرموز والنقاط المضيئة، لكنها تشير بوضوح إلى أن الطريق سيمر عبر أرضٍ قاحلة مليئة بالمخاطر.
امتدت أمامهم أراضٍ شاسعة، وكأنها لا نهاية لها. الرمال كانت سوداء كالفحم، تعكس وهجًا غريبًا تحت نور بلورات السماء. في الأفق، كانت تظهر عواصف برقية تضرب قمة جبل شاهق، وكأنها تدعو المغامرين لمواجهتها.
"هل هذا هو الجبل؟" سألت ليلى وهي تنظر إلى البرق الذي يضيء السماء بشكل متكرر.
"لا شك في ذلك،" قال محمد، وهو يراجع الخريطة. "لكن الطريق الذي أمامنا يبدو غريبًا، كأنه يحاول تحذيرنا."
"تحذير أم تحدي؟" رد معاذ بنبرة واثقة.
أثناء سيرهم، دخلوا منطقة تعرف بـ"أرض الصدى". كانت الأرض هناك تبدو وكأنها مغطاة بزجاج عاكس. مع كل خطوة يخطونها، كانت أصواتهم تتضاعف، تتحول إلى همسات غامضة تملأ المكان.
"هل تسمعون ذلك؟" سألت ليلى، وهي تشعر بالخوف.
"إنها أصواتنا، لكنها مشوهة،" قال محمد وهو يحاول تحليل الوضع.
فجأة، ظهرت ظلال حولهم، أشباح شفافة تعكس ملامحهم هم أنفسهم. كانت تتحرك ببطء نحوهم، تهمس بصوت غير مفهوم.
"هذه الأشباح تحاول اختبار شجاعتنا،" قال معاذ وهو يسحب سيفه.
"لكن القتال لن يحل المشكلة هنا،" قال محمد وهو ينظر حوله. "علينا أن نتجاهلها ونركز على الخروج من هنا."
"لكن القتال لن يحل المشكلة هنا،" قال محمد وهو ينظر حوله. "علينا أن نتجاهلها ونركز على الخروج من هنا."
وصلوا بعد ذلك إلى قلعة قديمة مهجورة تقف على تلة صغيرة. كانت القلعة مغطاة بكروم متشابكة، وأبوابها مفتوحة بشكل غريب.
"الخريطة تشير إلى أن هذه القلعة تحتوي على شيء نحتاجه،" قال محمد وهو يتفحص الخريطة.
دخلوا القلعة بحذر. كانت الجدران مغطاة بنقوش قديمة تظهر معارك بين مخلوقات غريبة. في وسط القاعة الرئيسية، وجدوا تمثالًا صغيرًا يشبه مفتاحًا صغيرًا مصنوعًا من البلور.
"هذا ليس المفتاح الثاني، لكنه قد يكون دليلًا،" قالت ليلى وهي تأخذ المفتاح.
فجأة، بدأت الأرض تهتز، وسقطت الصخور من السقف.
"لقد أيقظنا شيئًا!" صرخ معاذ.
ظهر وحش ضخم من بين الأنقاض، جسمه مكون من الصخور المتحركة وعينيه تشعان باللون الأحمر. كان يحرس القلعة منذ قرون، والآن يعتبرهم تهديدًا.
"علينا إيقافه!" قال معاذ وهو يهاجم الوحش بسيفه.
بينما كان معاذ يشغل الوحش، حاولت ليلى استخدام المفتاح البلوري. أدخلته في حفرة صغيرة وجدتها في التمثال، مما أدى إلى انبعاث ضوء قوي أضاء المكان.
"لقد أضعفته! الآن يمكننا مهاجمته!" صرخ محمد.
بجهود مشتركة، تمكنوا من هزيمة الوحش، الذي انهار إلى قطع صغيرة من الصخور.
بعد انتهاء القتال، ظهرت كتابة على الجدران تقول:
"المفتاح الثاني ينتظركم في قلب العاصفة، حيث تختبرون ولاءكم لبعضكم البعض."
"هذا يعني أن الجبل نفسه سيكون اختبارًا أصعب،" قالت ليلى وهي تنظر إلى الآخرين.
"علينا أن نكون مستعدين لكل شيء،" قال معاذ بحزم.
واصلوا رحلتهم نحو جبل العواصف، والسماء فوقهم تزداد ظلامًا. كان كل منهم يشعر بثقل المسؤولية، لكن أيضًا بالأمل.
"إذا كانت الاختبارات حتى الآن قد جعلتنا أقوى، فلا شيء يمكنه إيقافنا،" قالت ليلى بابتسامة، وهي تنظر إلى الجبل الذي يلوح في الأفق.
الفصل السابع: سراب الأوهام وجبل العواصف
بعد حصولهم على المفتاح الأول في الوادي السري، انطلقت ليلى ومعاذ ومحمد في رحلة نحو جبل العواصف، الذي وصفه حكيم الوادي بأنه موقع الاختبار الثاني. كان الجبل بعيدًا، يظهر في الأفق كعملاق رمادي تلتف حول قمته غيوم سوداء تتوهج بين الفينة والأخرى بشرارات برق صامت.
"هذا الجبل ليس مجرد كتلة صخرية،" قال محمد وهو يراجع خريطة قديمة أعطاها لهم الحكيم. "يقال إنه ملعون، وأنه يستطيع تغيير إدراك من يقترب منه."
"إذا كان هذا صحيحًا، علينا أن نبقى معًا مهما حدث،" أضاف معاذ، وهو يشد قبضته على سيفه.
"لكن ماذا لو لم يكن البقاء معًا كافيًا؟" تساءلت ليلى.
لم يجب أحد. لم يكن لديهم خيار سوى المضي قدمًا.
عندما وصلوا إلى أسفل الجبل، واجهوا أول لغز. كان الجبل محاطًا بحاجز غير مرئي؛ كلما حاولوا التقدم، وجدوا أنفسهم يعودون إلى النقطة نفسها.
"هذا المكان يلعب بعقولنا،" قال معاذ بغضب.
بينما كانوا يبحثون عن حل، لاحظت ليلى نقشًا صغيرًا على صخرة قريبة. اقتربت لتقرأه:
"للدخول، اجعل الحقيقة صدى في قلوبكم."
"ما معنى ذلك؟" سألت ليلى.
"ربما علينا أن نكشف عن شيء مخفي داخلنا،" قال محمد. "شيء نخشى الاعتراف به."
وقف الثلاثة أمام الحاجز، وكل منهم تحدث بصوت عالٍ:
قالت ليلى: "أخشى أن أكون ضعيفة وغير قادرة على إنقاذ من أحب."
قال معاذ: "أخشى أن أخسر من أثق بهم بسبب قراراتي."
قال محمد: "أخشى أن أكون عبئًا على الآخرين، رغم أنني أحاول دائمًا المساعدة."
ما إن انتهوا من حديثهم حتى تلاشى الحاجز، وكأن الجبل قبلهم.
ما إن انتهوا من حديثهم حتى تلاشى الحاجز، وكأن الجبل قبلهم.
"انتبهوا!" صرخ معاذ، ولكن الأوان كان قد فات. ظهرت نسخ مظلمة منهم، شبيهة تمامًا بهم لكن عيونها تتوهج بلون أحمر مخيف.
"هذه ليست مجرد ظلال،" قال محمد. "إنها انعكاسات لأخطائنا وخوفنا."
بدأت الظلال تهاجمهم، وكلما حاولوا ضربها، ازدادت قوة.
"لا يمكننا هزيمتها بالقتال،" قالت ليلى، وهي تتراجع. "علينا أن نواجهها بسلام."
بدأوا بالحديث مع الظلال، يعترفون بأخطائهم وأوجه ضعفهم. كانت الكلمات بمثابة سلاحٍ ضد الظلال، التي بدأت تذوب حتى اختفت تمامًا.
بعد الظلال، وجدوا أنفسهم في ساحة واسعة مليئة بالمرايا. كل مرآة كانت تعكس مستقبلًا مختلفًا لكل واحد منهم.
ليلى رأت نفسها ملكةً، تحكم عالم أليفيا بسلام.
معاذ رأى نفسه فارسًا عظيمًا، يقود جيشًا ضد قوى الظلام.
محمد رأى نفسه مكتشفًا للحقيقة، يحرر العالم من الوهم.
"هذا ليس حقيقيًا،" قال محمد. "إنها مجرد أحلام تغذي رغباتنا."
"لكنها تبدو واقعية للغاية،" همست ليلى، وهي تمد يدها نحو المرآة.
ما إن لامستها حتى وجدت نفسها محاطة بحياة مثالية. كانت تعيش في قصر، محاطة بالأصدقاء والعائلة. لكن عندما حاولت التحرك، شعرت بأنها محاصرة.
"ليلى! عودي إلينا!" صرخ معاذ، محاولًا كسر المرآة.
داخل وهمها، أدركت ليلى أن هذا ليس حقيقيًا. بدأت تصرخ: "أنا أختار الحقيقة!" وفجأة تحطمت المرآة، وعادت إلى الساحة.
"هذا الاختبار يريد إغراءنا،" قال معاذ. "علينا أن نبقى أقوياء."
عند اقترابهم من قمة الجبل، واجهوا حارسًا عملاقًا يحمل سيفًا مزدوجًا. كان الحارس مصنوعًا من حجر حي، وصوته كهدير الرعد.
"من أنتم لتتحدوا قمة العواصف؟" قال الحارس، ورفع سيفه.
"نحن من تم اختيارهم لحماية هذا العالم،" قال محمد بثبات.
"إذا كان ذلك صحيحًا، عليكم الإجابة عن سؤال واحد: ما الذي يجعل قلوبكم قادرة على مواجهة الظلام؟"
تبادلوا النظرات، ثم قال معاذ: "الإيمان. الإيمان بأن النور أقوى من الظلام."
هز الحارس رأسه، لكن بدا وكأنه غير مقتنع. "الكلمات سهلة. أثبتوا ذلك."
وجدوا أنفسهم في دائرة من الضوء، وكل واحد منهم محاط بظل يمثّل شخصًا عزيزًا عليه:
ليلى رأت والدها، الذي كانت تسعى دائمًا لإثبات نفسها أمامه.
معاذ رأى شقيقه الأصغر، الذي كان يحاول دائمًا حمايته.
محمد رأى صديقًا قديمًا خسر ثقته به.
"لتحصلوا على المفتاح، يجب أن تختاروا التضحية بشيء عزيز عليكم،" قال صوت الحارس.
"ماذا يعني ذلك؟" سألت ليلى، وهي تشعر بالدموع تغمر عينيها.
"يجب أن تكونوا مستعدين للتخلي عن شيء ثمين لإنقاذ هذا العالم."
بعد لحظة صمت، قال محمد: "أنا أختار أن أتخلى عن ذكرياتي القديمة. سأتركها خلفي لأتمكن من المضي قدمًا."
قال معاذ: "سأختار أن أتخلى عن خوفي من الفشل. هذا الخوف هو ما يمنعني من أن أكون قويًا."
أما ليلى، فقالت: "سأتخلى عن كبريائي. سأعترف بأنني بحاجة إلى مساعدة الآخرين."
ما إن نطقوا بكلماتهم حتى انبعث ضوء قوي. ظهر المفتاح الثاني أمامهم، وكان لونه ذهبيًا لامعًا.
أخذوا المفتاح، لكنهم كانوا يعلمون أن رحلتهم لم تنتهِ بعد. جبل العواصف كشف لهم الكثير عن أنفسهم، لكنه أيضًا أظهر لهم أن الظلام الذي يواجهونه ليس مجرد قوة خارجية، بل شيء داخلهم أيضًا.
"القمة التالية ستكون أصعب،" قال محمد. "لكننا سنكون مستعدين."
مع هذه الكلمات، بدأوا النزول من الجبل، والرياح تحمل معهم أصداء المغامرات التي تنتظرهم.
الفصل الثامن: أسطورة البحر الزمردي
بعد مغامرتهم في جبل العواصف، لم يكن أمام ليلى ومعاذ ومحمد سوى خيار واحد: التوجه إلى البحر الزمردي، حيث يُقال إن المفتاح الثالث مخبأ في أعماقه. البحر كان مكانًا مليئًا بالغموض والأساطير، ويُشاع أنه يحكمه مخلوق هائل يُدعى "حارس التيارات".
كانت رحلتهم تبدأ من قرية صغيرة على الساحل الغربي تُعرف باسم "المرفأ المفقود". حين وصلوا، بدت القرية وكأنها نسيت الزمن؛ المنازل القديمة متداعية، والناس يعيشون في خوف دائم.
"ما الذي يحدث هنا؟" سألت ليلى أحد الصيادين.
أجاب الرجل بصوت خافت: "البحر ليس كما كان. كل من يجرؤ على الإبحار يُسحب إلى أعماق لا عودة منها. هناك لعنة."
رغم التحذيرات، عرف الأصدقاء أنهم لا يملكون خيارًا. وجدوا قبطانًا عجوزًا يُدعى "نوح الرمادي"، وافق على مساعدتهم بشرط واحد: "إذا بدأتم الرحلة، لا مجال للعودة."
سفينة نوح كانت غريبة؛ أشرعتها خضراء مضيئة، وهياكلها محفورة بنقوش قديمة تصور معارك بين البشر والمخلوقات البحرية.
"هذه السفينة ليست عادية،" قال معاذ، وهو يتفحص النقوش.
"إنها مباركة ومشؤومة في آنٍ واحد،" أجاب نوح. "ولكنها الوحيدة التي يمكنها عبور التيارات."
بينما كانوا يشقون طريقهم نحو وسط البحر، بدأت المياه تأخذ لونًا زمرديًا براقًا، كأنها تعكس السماء نفسها. لكن سرعان ما تحول الهدوء إلى اضطراب؛ التيارات بدأت تزداد عنفًا، والرياح تصرخ حولهم.
"نحن نقترب،" قال نوح بصوت متهدج. "استعدوا لما هو قادم."
ظهر فجأة دوامة ضخمة في المياه، وخرج منها مخلوق بحري ضخم. كان "حارس التيارات" كما وصفته الأساطير: جسده يشبه ثعبانًا بحريًا عملاقًا، لكن رأسه كان كالتنين، وعيناه تشتعلان كالشمس.
"من أنتم لتجرؤوا على دخول مملكتي؟" صرخ المخلوق، وصوته يهز البحر.
"نحن هنا لنبحث عن المفتاح الثالث!" صرخت ليلى، محاولًة التماسك.
"المفتاح لا يُمنح بسهولة،" قال الحارس. "عليكم أن تثبتوا جدارتكم. الإجابة عن سؤالي ستحدد مصيركم:
ما الذي يربط بين التيار الهادئ والعاصفة الهوجاء؟"
جلس الثلاثة في صمت، يحاولون فك اللغز. التيارات والرياح، رغم اختلافها، تشترك في كونها قوى طبيعية تتحرك باستمرار.
"الإجابة هي التغيير،" قال محمد بثقة. "كلاهما يرمز إلى الحركة والتغيير."
صمت الحارس للحظة، ثم قال: "إجابتك صحيحة. ولكن، هل لديكم الشجاعة لمواجهة قاع البحر؟"
فتح الحارس ممرًا إلى قاع البحر، ووجد الأصدقاء أنفسهم يطفون داخل فقاعة كبيرة تُبقيهم جافين. كانوا محاطين بعالم تحت الماء مليء بالكائنات البحرية الغريبة.
"هذا المكان... إنه مذهل!" قالت ليلى.
لكن المشهد الجميل كان يخفي تحديًا آخر. ظهر أمامهم هيكل عظمي ضخم لمخلوق قديم، تتوهج عظامه بلون أخضر غريب.
"المفتاح مخبأ هناك،" قال الحارس الذي ظهر فجأة. "ولكن لتحصلوا عليه، عليكم مواجهة ذكرياتكم الأكثر ألمًا."
كل واحد منهم وجد نفسه فجأة محاصرًا في مشهد من ماضيه.
ليلى رأت نفسها طفلة صغيرة، تراقب والدها يغادر البيت إلى الأبد. شعرت بالعجز والذنب، وكأنها لم تكن كافية لإبقائه.
معاذ وجد نفسه في لحظة خيانة صديق كان يعتبره مثل أخيه. تلك اللحظة التي زرعت فيه الشك بكل من حوله.
محمد رأى نفسه في جنازة والدته، عاجزًا عن البكاء، وكأن قلبه تجمد.
"إنها مجرد أوهام!" صرخ معاذ، محاولًا كسر الحاجز. "لكنها حقيقية أيضًا. علينا مواجهتها."
بدأوا يتحدثون مع أنفسهم، يعترفون بآلامهم ويقبلونها كجزء من ماضيهم.
"لا يمكننا تغيير ما حدث، لكن يمكننا أن نتعلم منه،" قالت ليلى.
ما إن نطقوا بهذه الكلمات حتى تلاشت الذكريات، وظهر المفتاح الثالث داخل الهيكل العظمي.
حملوا المفتاح، وعادوا إلى السطح حيث كانت السفينة تنتظرهم.
"لقد نجحتم،" قال نوح، وهو ينظر إلى المفتاح بإعجاب. "لكن رحلتكم لم تنتهِ بعد. البحر منحكم المفتاح، لكن العالم الأبعد سيطالبكم بالمزيد."
أخذوا نفسًا عميقًا، وهم يعلمون أن التحديات القادمة ستكون أصعب. ولكنهم أيضًا كانوا أقوى، وأكثر اتحادًا من أي وقت مضى.
"إلى أين الآن؟" سأل معاذ.
"إلى الأرض المفقودة،" أجابت ليلى، وهي تمسك المفتاح بإحكام. "هناك ينتظرنا الجزء الأصعب."
بدأت السفينة بالابتعاد عن البحر الزمردي، ولكن ظلال الغموض والخطر كانت تلوح في الأفق، تعد بمغامرة أكبر في المستقبل.
الفصل التاسع: لغز الأرض المفقودة
بعد مغادرتهم البحر الزمردي، بدأت رحلة جديدة نحو الأرض المفقودة، المكان الذي قيل إنه يحوي المعرفة التي ستقودهم إلى الخطوة التالية. كانت السفينة تبحر بهدوء، لكن الأصدقاء لم يكونوا كذلك. أسئلة كثيرة تدور في أذهانهم، والقلق يتسلل إلى قلوبهم.
"الأرض المفقودة؟" تساءلت ليلى بصوت خافت. "ما الذي يمكن أن نجده هناك؟ ولماذا يشعر الجميع بالخوف من مجرد ذكرها؟"
"إنها مكان محاط بالأساطير،" قال محمد وهو يتصفح خريطة قديمة أعطاها لهم نوح. "يقال إنها أرض لا يعود منها أحد، لكن من يتمكن من فك ألغازها يحصل على قوة لا تضاهى."
معاذ، الذي كان يجلس على حافة السفينة، تمتم: "لا أصدق هذه الأساطير. لكننا سنكتشف الحقيقة قريبًا."
عندما اقتربوا من وجهتهم، تغيرت الأجواء بشكل مفاجئ. السماء أصبحت مظلمة رغم غياب الغيوم، ورياح باردة بدأت تعصف بهم. ظهرت أمامهم جزيرة ضخمة يحيطها جدار من الضباب الكثيف.
"هل أنتم مستعدون؟" سأل نوح وهو ينظر إليهم بعينين مليئتين بالقلق.
"ليس لدينا خيار،" قالت ليلى بحزم.
ما إن دخلوا الضباب حتى وجدوا أنفسهم في عالم مختلف تمامًا. الجزيرة كانت مليئة بالأشجار العملاقة التي تبدو وكأنها تتحرك. أصوات غريبة تنبعث من كل مكان، وكأنهم مراقبون.
بينما كانوا يسيرون عبر الغابة، ظهر أمامهم مخلوق ضخم يشبه الأسد، لكن له أجنحة ضخمة وعينان بلون الدم.
"من أنتم لتجرؤوا على دخول أرضي؟" قال بصوت عميق هزّ الأرض من حولهم.
"نحن نسعى لفك لغز الأرض المفقودة،" أجابت ليلى بشجاعة.
"لغز الأرض ليس لمن يسعى إليه بدافع الفضول. إن كنت تريدون الحقيقة، عليكم أن تواجهوا أنفسكم."
قبل أن يتمكنوا من السؤال عما يعنيه، اختفى المخلوق وترك وراءه طريقًا يقود إلى قلب الجزيرة.
قادهم الطريق إلى معبد قديم منحوت داخل جبل ضخم. كان المعبد مليئًا بالنقوش الغامضة التي تصور معارك بين البشر وكائنات أسطورية.
"ما هذا المكان؟" تساءل معاذ وهو يتفحص النقوش.
"يبدو أنه مركز المعرفة في الجزيرة،" أجاب محمد.
بينما كانوا يتقدمون داخل المعبد، وجدوا غرفة دائرية تحتوي على منصة حجرية في المنتصف. على المنصة كانت هناك ثلاث رموز متوهجة: الشمس، القمر، والنجمة.
ظهر صوت في الغرفة، لم يتمكنوا من تحديد مصدره.
"ثلاثة رموز، وثلاثة ألغاز. حلوا هذه الألغاز لتعرفوا الحقيقة."
اللغز الأول: رمز الشمس
"أنا أشرق وأغرب، لكنني لا أتوقف عن الإضاءة. ما أنا؟"
"الشمس؟" قالت ليلى.
"لا، الإجابة أبسط من ذلك،" قال محمد. "إنها الأمل."
اللغز الثاني: رمز القمر
"أنا موجود في السماء ليلاً، وأعكس نور غيري. ما أنا؟"
"القمر، هذه بديهية،" قال معاذ بثقة.
اللغز الثالث: رمز النجمة
"أنا دليل للمسافرين، أضيء الليل، وأختبئ في النهار. ما أنا؟"
"النجمة!" قالت ليلى بابتسامة.
ما إن أجابوا على الألغاز حتى انفتحت الأرض تحت المنصة، وظهرت درج يقود إلى أعماق المعبد.
في الأسفل، وجدوا غرفة مليئة بالكتب القديمة والمخطوطات. في وسط الغرفة، كانت هناك كرة بلورية تتوهج بضوء أزرق خافت.
"هذا هو سر الأرض المفقودة،" قال محمد وهو يقترب من الكرة.
"لكن ما الذي يعنيه هذا؟" سألت ليلى.
ظهرت أمامهم صورة ثلاثية الأبعاد لرجل عجوز بوجه حكيم.
"لقد وصلتم إلى مركز المعرفة، لكن هذه ليست النهاية. كل ما تعلمتموه هنا هو مجرد بداية. المفتاح الرابع ليس شيئًا ماديًا، بل هو داخل أنفسكم. فهمكم للغموض هو ما سيقودكم إلى المرحلة التالية."
بعد أخذ ما يمكنهم من المعرفة، بدأوا رحلة العودة إلى السفينة. لكن الأرض لم تكن تنوي تركهم بسهولة. الغابة بدأت تغلق عليهم، والمخلوقات الغريبة تحاول منعهم من المغادرة.
"أسرعوا!" صرخ معاذ وهو يقاتل أحد المخلوقات.
بصعوبة بالغة، تمكنوا من الوصول إلى الساحل. ما إن صعدوا على متن السفينة حتى اختفى الضباب، وعادت السماء إلى حالتها الطبيعية.
"لقد نجونا،" قال محمد وهو يلهث.
"لكن التحدي الأكبر لم يأتِ بعد،" قالت ليلى وهي تنظر إلى الأفق.
كانت السفينة تبتعد عن الأرض المفقودة، لكن الأصدقاء كانوا يعلمون أن ما ينتظرهم سيكون أكثر خطورة وإثارة. بينما كانوا يراقبون الجزيرة تختفي في الأفق، تعهدوا بأن يظلوا متحدين، مهما كان الثمن.
الفصل العاشر: بوابة الزمن
بعد أيام طويلة في عرض البحر، بدأت ملامح التعب تظهر على وجوه الجميع. كانوا بحاجة إلى إجابات، وكان كل ما حصلوا عليه في الأرض المفقودة مجرد غموض إضافي.
"محمد، هل تعتقد أن كل هذا يستحق العناء؟" سألت ليلى وهي تنظر إلى الأفق.
"إن كان صحيحًا أن العالم بأسره مهدد، فليس لدينا خيار سوى الاستمرار،" أجاب محمد بثقة.
معاذ، الذي كان يجلس بصمت منذ مغادرتهم الجزيرة، تحدث أخيرًا: "نحتاج إلى حارس الزمن. نوح قال إنه الوحيد الذي يمكنه تفسير ما وجدناه في الأرض المفقودة."
"لكن كيف نجد هذا الحارس؟" سألت ميار وهي تحمل إحدى المخطوطات القديمة التي حصلوا عليها.
"المخطوطة تقول إن حارس الزمن يعيش في قلعة تطفو بين النجوم. إذا كنا على صواب، فهي ليست قلعة عادية، بل بوابة إلى أبعاد مختلفة،" أجاب محمد.
بينما كانوا يتقدمون نحو الموقع المذكور في المخطوطة، بدأت الطبيعة من حولهم بالتغير. السماء أصبحت أعمق زرقة، والنجوم بدت أقرب، وكأنها ترشدهم.
"انظروا هناك!" صرخت ميار وهي تشير إلى كيان ضخم في الأفق.
ظهرت أمامهم قلعة ضخمة، محاطة بهالة ذهبية. كانت القلعة تطفو في الهواء، مربوطة إلى الأرض بسلسلة من جسور ضوئية متوهجة.
"هذه هي!" قال معاذ بحماسة.
عندما اقتربوا من القلعة، واجهوا بوابة عملاقة محفور عليها رموز غريبة. فجأة، ظهر رجل عجوز يرتدي عباءة زرقاء، وعيناه تلمعان كأنهما مليئتان بالنجوم.
"أخيرًا، وصلتم،" قال بصوت عميق.
"أنت حارس الزمن؟" سأل محمد.
"أنا كذلك، وقد كنت بانتظاركم منذ زمن طويل."
قادهم الحارس إلى قاعة ضخمة مليئة بالساعات والبلورات المتوهجة. في وسط القاعة، كانت هناك خريطة ضخمة للعوالم المختلفة.
"ما رأيناه في الأرض المفقودة كان محيرًا،" قالت ليلى. "نحتاج إلى تفسير."
أجاب الحارس: "الأرض المفقودة كانت مجرد اختبار. إنها تحمي سرًا عظيمًا: مفاتيح الأبعاد الأربعة. المفتاح الرابع الذي وجدتموه ليس شيئًا ملموسًا، بل هو داخل أرواحكم. إنه القدرة على التحكم في الزمن."
"التحكم في الزمن؟" سأل معاذ بدهشة.
"نعم،" قال الحارس. "لكن هذه القوة ليست للعبث. إنها مفتاح لتوازن العوالم. الظلام الذي يهدد أليفيا يسعى لتحطيم هذا التوازن."
اقترب الحارس منهم وقال: "هناك شيء آخر يجب أن تعرفوه. العدو يعرف عنكم الآن. كل خطوة تخطونها تقربه منكم. يجب أن تكونوا مستعدين لمواجهته."
"ومن هو هذا العدو؟" سأل محمد.
"إنه ليس شخصًا، بل كيانًا يدعى كالاميس. إنه الظلام المجسد، ويتغذى على الخوف والطمع. هدفه هو السيطرة على جميع الأبعاد."
قرر الحارس أن يمنحهم تدريبًا خاصًا لتحضيرهم للمواجهة المقبلة. قادهم إلى غرفة زمنية، حيث يمكنهم قضاء أسابيع في التدريب بينما تمر دقائق قليلة فقط في العالم الحقيقي.
"في هذه الغرفة، ستتعلمون كيفية استخدام قوتكم الجديدة. كل واحد منكم يمتلك قدرة خاصة، لكنها تحتاج إلى الصقل."
محمد: تعلم كيفية قراءة تدفقات الزمن والتنبؤ بالمستقبل القريب.
معاذ: اكتشف قدرته على إبطاء الزمن من حوله.
ليلى: استطاعت استخدام الزمن لتسريع شفاء الجروح.
ميار: كانت تمتلك قدرة فريدة على رؤية الأحداث الماضية بمجرد لمس شيء مرتبط بها.
بعد أسابيع من التدريب، أعطاهم الحارس اختبارًا أخيرًا.
"هذه البلورة تحتوي على لحظة زمنية مختلة. عليكم إصلاحها."
عندما لمس محمد البلورة، وجدوا أنفسهم في معركة قديمة بين البشر وكائنات الظلام. كان عليهم استخدام قدراتهم الجديدة لتغيير مسار المعركة دون إحداث خلل في توازن الزمن.
نجحوا في المهمة بصعوبة، لكنهم أدركوا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم.
بعد انتهاء التدريب، وقف الحارس أمامهم وقال: "الطريق أمامكم محفوف بالمخاطر. لكن تذكروا، القوة وحدها ليست كافية. يجب أن تبقوا متحدين، فالوحدة هي السلاح الأقوى ضد الظلام."
بينما كانوا يغادرون القلعة، كان كل واحد منهم يشعر بثقل المهمة، لكنهم كانوا يعلمون أن الرحلة لم تصل إلى نهايتها بعد. الظلام يقترب، والمواجهة أصبحت وشيكة.
ما شاء الله اللهم مبارك
ردحذفحلو اوي