رواية مملكة الرماد - الجزء الثاني من ظل الفارس
قد يعجبك
ظل الفارس | الفصل الثاني
مرّت السنوات وهارى أصبح جزءًا لا يتجزأ من إمبراطورية هانال،
محاولًا التكيف مع دوره الجديد كملك وشريك للملكة تاليا. خلال هذه الفترة، استطاع بناء علاقات قوية مع الكثير من القادة والمستشارين
لكنه لم يتمكن من كسب ثقة الجميع، خاصة الجنرال أورين، الذي كان يُشكك دائمًا في نوايا هارى ويراه خطرًا محتملاً.
ومع تزايد القوة العسكرية والتوسع المستمر لهانال، أصبحت العلاقات مع الإمبراطوريات المجاورة أكثر توترًا،
خاصةً إمبراطورية أرين التي كانت تستعد لمعركة فاصلة. شعرت تاليا بالتهديد الداهم، وعلمت أن أرين لن تتوقف حتى تُسقط هانال أو تستعيد قوتها. لهذا كانت تستعين بهارى، الذي يعرف نقاط ضعف أرين بحكم نشأته فيها.
في إحدى الليالي، بينما كان هارى يتجول في قصر هانال، دخل مكتبة قديمة لم يعرف عنها من قبل، وجد فيها مخطوطات قديمة وأسرارًا حول أصول عائلته
هناك اكتشف أن جدّه كان محاربًا أسطوريًا من أرين، وأن هناك نبوءة قديمة تربطه بمصير الإمبراطوريتين.
كانت النبوءة تقول: "سيأتي فارس من أرض الشمال، يتزوج ملكة النار، ويسقط إمبراطوريةً بدماء الذين أحبهم." أصابته الصدمة والارتباك
لأن النبوءة تُشير إليه وتضعه في موقع المسؤولية. كانت تاليا، الملكة التي أحبها، هي ملكة النار، لكن النبوءة لم تكن واضحة حول أي إمبراطورية ستسقط: هل هي هانال أم أرين؟
بدأت الشكوك تتسلل إلى هارى، وشعر بأن مصيره قد يكون محتوماً، وأنه ربما يؤدي إلى نهاية هانال بطريقة ما. في هذه الأثناء
نشبت مؤامرة كبيرة بقيادة الجنرال أورين وبعض مستشاري القصر الذين أرادوا إزاحة هارى. كانوا يرون فيه خطرًا على الإمبراطورية وأمنها، خاصة بعد اكتشافهم أنه لا يزال يتواصل سرًا مع بعض معارفه في أرين.
اكتشف هارى خطة الجنرال في اللحظة الأخيرة، وواجهه بمزيج من الغضب والحزن. حاول أن يبرّر ولاءه لتاليا وولائه الجديد لهانال، لكن الجنرال لم يكن ليقتنع بسهولة
ودخل الاثنان في مواجهة حادة كادت أن تنتهي بقتال مباشر لولا تدخل تاليا في اللحظة الأخيرة، حيث أقنعت الجنرال بتأجيل قراره إلى حين.
في الوقت الذي كان الجنرال أورين يخطط للإطاحة بهارى، كان هناك هجوم مفاجئ من قوات أرين على الحدود الشمالية لهانال
أتى جيش أرين بقيادة قادة جدد، أكثر شراسة وتصميمًا، يسعون للانتقام من هارى الذي رأوا فيه خائنًا لأرضه. امتدت المعركة لأسابيع طويلة، وحاصر جيش أرين أجزاء كبيرة من هانال، مما وضع المملكة بأكملها في حالة تأهب.
رأى هارى في هذه المعركة فرصة لإثبات ولائه الحقيقي لهانال وتاليا. قاد الجيش في عدة معارك بنفسه، حيث قاتل بشجاعة نادرة،
محاولًا حماية الإمبراطورية التي أصبحت جزءًا منه. رأى الجنود شجاعته وبدأوا يعيدون النظر في ولائه، حتى الجنرال أورين بدأ يشكك في معتقداته السابقة عنه.
وسط هذه الأحداث العنيفة، جاء خبر مذهل: الملكة تاليا كانت حاملًا
انت هذه الأخبار صدمة للجميع، خاصةً لتاليا نفسها، التي لم تتوقع أن تأتي هذه اللحظة وسط الفوضى المحيطة بها. كانت تعلم أن هذا الطفل قد يكون أملًا جديدًا للمملكة
وقد يكون أيضًا محورًا للصراع المستمر، حيث ستكون الإمبراطورية في حاجة إلى وريث قوي ليحميها.
لنسبة لهارى، كان الخبر سعيدًا ومرهقًا في الوقت ذاته. الطفل سيكون جزءًا منه ومن هانال، لكن كيف سيحمي عائلته وهو محاصر في نبوءة قد تؤدي إلى تدمير المملكة؟
شعر بأن عليه اتخاذ قرارات أكبر، بل وأخطر، لحماية عائلته ومملكته.
مع استمرار الحرب واحتدام الصراع، بدأت النبوءة تتحقق شيئًا فشيئًا. بدأت قوات أرين تتراجع، لكن بثمن باهظ. كان هارى يقود جيشه في المعارك النهائية
هناك في إحدى المعارك الكبرى أُصيب إصابة خطيرة، لكنه تمكن من القضاء على قائد جيش أرين في لحظة حاسمة.
عاد هارى إلى القصر وهو منهك وجريح، لكن الإحساس بالنبوءة كان يطغى عليه
شعر بأن هذه الحروب ربما تقوده في النهاية إلى سقوط إحدى الإمبراطوريتين. وبدأت الشكوك تساوره: هل سيكون الطفل الذي سيولد هو من يغير مصير المملكة؟
وهل سيكون عليه التضحية بنفسه من أجل حماية تاليا وطفلهما؟
في لحظة مليئة بالتأملات والذكريات، أدرك هارى أن قدره قد يكون أعظم مما توقع. قرر مواجهة الجنرال أورين بصراحة، وأخبره بكل تفاصيل النبوءة وما اكتشفه عن أصول عائلته
رغم أن الجنرال بقي متشككًا، إلا أنه كان يرى بوضوح عمق ولاء هارى لتاليا وهانال.
ومع اقتراب نهاية المعارك، قرر هارى أن يكون مستعدًا للتضحية إذا كان هذا سيحمي الإمبراطورية التي أصبحت جزءًا من روحه
لكنه بقي في صراع عميق مع ذاته، غير مدرك تمامًا كيف ستنتهي قصته، ولا ما إذا كانت النبوءة قد تتحقق بطرق لم يتخيلها.
بعد أسابيع من الهدوء النسبي، سرت إشاعة في القصر أن جيشًا غامضًا يقترب من هانال. لم تكن هذه القوات تابعة لأرين، بل كانت فرقة مرتزقة مدربة جيدًا تُعرف باسم "الشعلة السوداء"
بقيادة محارب أسطوري يدعى مارك
الذي كان يتردد أن لديه قدرات غير عادية وقسوة لم يشهدها أحد من قبل. قيل إن مارك جاء لعقد صفقة، لكنها لن تكون سوى بداية لصراع ملحمي.
عندما علم هارى بقدوم مارك، انتابه شعور غير مريح؛ فقد سمع عن هذا المحارب في صغره، وكان يعرف أنه ليس مجرد مرتزق عادي، بل زعيم لديه طموحات لا تقل عن طموحات الملوك
أرسل مارك رسولًا إلى هارى برسالة مفادها: "أنت وأنا، وجهان لنفس المصير، وأحدنا يجب أن يسقط ليبقى الآخر."
عقدت تاليا اجتماعًا عاجلاً مع هارى وقيادات الجيش، ونصحت بعدم الخضوع لاستفزازات مارك، ولكن هارى كان يعرف أن تجاهل هذا التهديد سيؤدي فقط إلى تضخيمه
شعر بأن هذه المواجهة قد تكون هي "الشعلة الأخيرة" التي تحدثت عنها النبوءة، إذ ربما يكون مارك هو الرجل الذي يُختبر عنده إيمان هارى النهائي بهانال.
تسلح هارى، وتجهز للمواجهة وجهًا لوجه مع مارك في ساحة المعركة المفتوحة، بعيدًا عن القصر لتجنب تدميره. وعند التقاء الجيشين، كانت العيون تتجه نحو القائدين، كأن الوقت تجمد، والجنود على استعداد لمشاهدة ما سيحدث.
بدأت المعركة بين هارى ومارك كأنها رقصة موت، حيث كانت سيوفهما تتطاير شررًا، والضربات تُطلق في كل اتجاه
كان مارك يقاتل بشراسة تفوق أي محارب واجهه هارى من قبل. ومع كل ضربة، كان مارك يُلقي عبارات تتعلق بالنبوءة، كأنه يعرف تفاصيلها.
خلال القتال، أدرك هارى أن مارك كان قد درس تاريخه ونقاط قوته وضعفه
لكن هارى، مستحضرًا طموحاته ومحبته لتاليا وأمله في طفلهما المنتظر، استطاع توجيه طاقة هائلة في معركته. في لحظة حاسمة، استطاع مارك تسديد ضربة قوية كادت أن تسقط هارى، لكنه بقي واقفًا بصعوبة.
مارك، مبتسمًا، قال: "أنت لست القدر. أنت الاختبار الأخير قبل أن أستولي على كل شيء."
في لحظة يأس، تذكر هارى النبوءة وأن أحدهما يجب أن يسقط ليحمي الآخر. وبينما كان مارك يستعد لتسديد الضربة الأخيرة، التفت هارى إلى جنوده وصاح بصوت عالٍ: "لأجل هانال وتاليا وطفلي... هذا ليس مكان الموت!"
ثم اندفع بكل قوته، مستخدمًا آخر ما تبقى له من طاقة، مسددًا ضربة غير متوقعة أصابت مارك في نقطة ضعف لم يتوقعها أحد. سقط مارك متألمًا، مدركًا أن هارى قد فاز أخيرًا، لكن بالكاد كان يستطيع الوقوف.
بينما كان مارك يحتضر، تمتم بكلمات غريبة عن وجود قوة مظلمة تتربص بهانال، وأنها ليست النهاية، بل بداية جديدة لقوى أكبر. ومع وفاة مارك، شعر الجميع أن الغموض لم يُرفع بالكامل، وأن هناك خطرًا أكبر يلوح في الأفق.
----- يتبع في الفصل الثالث -----
I have a deep love for historical novels as they transport me to different eras, allowing me to experience the past through captivating stories.
ردحذف