روايه أعماق المحيط - نهايه حزينه لحب "ماد" و "الأميره"
قد يعجبك
حب ماد والأميره - سهى العامري
مع اندفاع أمواج المحيط وهي بتخبط في الصخور المتهالكة
السفينة وقفت بتأني خالص
العلم كان مرفوع فوق، والناس حواليها بيهتفوا وبيهللوا.
الشباب الصغيرين نزلوا من السفينة، رافعين راسهم لفوق بكل ثقة
الكل نزل من المرسى للأرض، وعيونهم بترمق الحشد حواليهم كأنهم عايزين يظهروا أحسن ما عندهم. الكل هتف وقال بصوت عالي
"ماد!"
البنات كانوا بيصرخوا من الإعجاب
وفي بعض الرجالة وقفوا على جنب بعيون مليانة حقد وغيرة بتزيد مع كل لحظة. الشمس بدأت تطلع، كأنها بتقول أهلاً للبطل المنتصر.
شاب طويل ونشيط نزل من السفينة، وكل الناس حواليه اتجمعت. ده كان ماد، شاب وسيم اللي الناس كلها كانت بتحبه.
بطل سافر عبر البحار الزرقا علشان يواجه الوحش الشرس "عاجار" اللي كان بيخرب السفن ويمحي البشر. الوحش ده كان ليه أربع رؤوس، وأذنه شبه آذان حوريات البحر، وجسمه كله مغطى بحراشف لونها أزرق وأخضر.
عيون "عاجار" كانت بلون أخضر كريستالي بيشع بقوة، لدرجة إن أي حد يبص فيها ممكن يسمع صوت همساتها اللي تشدك ليها.
جوهرة "عاجار" كانت في قريتهم "كيشفاه" تعتبر قلب المحيط، لأنها دايمًا بتجيب النحس والموت لكل اللي يمتلكها، وتغرقه في أعمق أعماق البحار
رجالة الملك فضلوا يزقوا الناس لورا علشان يحموا البطل اللي رجع من أي إصابات ممكن تيجي له
"ماد" بابتسامته اللي مليانه ثقة
كان بيلوح بإيده وهو بيبص للحشد في الميناء، وإيده التانية بتمشط شعره الأسود الحرير اللي لونه زي لون السماء في عز الليل.
على وشه ابتسامة مائلة، والحشد كله بينادي اسمه علشان يلفت انتباهه. في نفس اللحظة، خبطت كعوب الخيل على الأرض الحجرية، وهي جاية ناحية الشاب البطل.
"سيدي ماد، جلالة الملك مبسوط جدًا من رجوعك لقرية كيشفاه."، راجل قال الكلام ده وعينيه ماكنتش بتتحرك من على الأرض، وهو بيحني نصه العلوي بإيد محطوطة بقوة على قلبه
كان الرجل اللي قدامه شخص مهندم، شعره أبيض شوية بشوية ومافيش حتى خصلة واحدة خارجة عن مكانها
وقف مرة تانية مستوي، وضبط طيات الجاكت بتاعه بكل رُقي من غير ما يكون في أي تجاعيد في لبس الخادم بتاعه. "ماد"، البطل الشاب، قاطع الضحك بهدوء لنفسه وهو بيضرب الأرض بحذائه على الأرض الحجرية.
"هو أنا ما بعتش كفاية رسايل لجلالة الملك، يا محترم؟"
رفع إيديه لفوق، وسكت الحشد كله في لحظة وعيونهم كلها كانت متجهة نحوه. "سيدي؟"
"أنا مش هتجوز بنته. أبدًا، أقولها أبدًا!" قالها البطل الشاب بصوت عالي وحواجبه مقطبة، والغضب بيحاول يسيطر عليه.
الرجل اللي قدامه هز راسه بهدوء، وكان نفسه يمشي بعيد عن الحشد، بس كان عارف إنه ممكن يتعاقب لو رجع للقصر الملكي من غير ما يجيب جواب.
تنهد لوحده وبلع ريق الخوف اللي كان حاسس بيه. "مش متأكد إن الملك هيبقى مبسوط من الرد ده، يا سيدي"
رد عليه ببطء، "يمكن يكون من الأحسن نتكلم في الموضوع ده مع جلالته شخصيًا."، أضاف الراجل وهو بيحني راسه لتحت علشان مايبصش في عينين البطل اللي واقف قدامه بنظرة مليانة قوة وهيبة.
"ماد" بص حواليه، ورجع إيديه لجيوبه في البنطلون البالي بتاعه، وتنهد لنفسه، وخصلة من شعره الأسود سقطت على جبهته بين عينيه
نظر ناحية الرجل اللي كان واقف في الزاوية، اللي كان بيلعب في إيديه علشان يضيع الوقت.
البطل الشاب لف جسمه كله ناحيته، وهز راسه بهدوء وعينيه مقفولين، وقال بصوت خافت: "ماشي."، بعدها دخل للعربة اللي كانت مستنياه ومفتوحة على مصراعيها.
مر الوقت، و"ماد" بقى عايش في القصر بكل رفاهية، مع خطيبته اللي اتجبر إنه يسحرها ويجذبها. مع دقات الساعات في الكاتدرائية، كانت الرحلة بتبدأ، وهيخرجوا في البحر الأزرق لشهر العسل.
البطل الشاب كان واقف يتأمل المحيط بهدوء، وهو بيلعب في سلسلة عليها عين "عاجار" اللي حوالي رقبته. نور القمر الهادي كان بينعكس على سطح السفينة، وبيضيء بلون ساحر.
الأمواج اللي كانت بتخبط في السفينة وتدخل صوتها الهادي لأذنه، كانت بتدي له إحساس بالراحة والاضطراب في نفس الوقت
النسيم البارد بدأ يزيد، وخلاه يرتعش من برودة الجو اللي جات فجأة. تنهد لنفسه، وهو بيفكر هل الجواز مقابل نص جيش كان صفقة كويسة ولا لأ.
هز راسه ببطء، وسابها تنزل لأسفل بتنهد هادي. قبل ما يلف ويبعد، حس بيدين رفيعين ملفوفين حوالي صدره. لف راسه للجانب علشان يعرف مين اللي مسكه، لقى الأميرة ساندة راسها على كتفه القوي.
قلبه ضرب بسرعة للحظة، وحس كأنه محبوس في حضنها. قال بصوت متسائل، وهو بيشيل إيدها من على صدره ببطء وبيلف وشه ناحيتها:
يا صاحبة السمو، إيه اللي خرجك من غرفتك؟
ما كنتش المفروض ترتاحي بدري علشان تعبك؟" رفع حاجبه بتساؤل وهو بيبص في عينيها.
"المنظر جميل جدًا الليلة، ماد."، ردت الأميرة وهي مبتسمة ابتسامة واسعة،
وقربت تاني وسابت قبلة على رقبته، إيدها بتتحرك من صدره لوراء رقبته برقة
الشاب ما بينش عليه أي رد فعل تجاه تصرفات مراته، لكن في النهاية شد إيدها بعيد عنه.
"من فضلك... يا صاحبة السمو"، همس الرجل بحذر وهو بيضغط على إيديه بقوة، كان بعيد عن فكرة إنه يحبها
وحس إنه أخيرًا لقى جواب لسؤاله الخاص. لف ناحية الأميرة ورفع راسه لفوق، ولاقى القوة في نفسه علشان يقول الكلمات اللي كان نفسه يقولها.
"أعتقد إن... الجواز ده مش هيكمل، يا صاحبة السمو."
قالها البطل الشاب وهو حاسس بضيق وهو شايف وجه الأميرة اللي مليان حزن. "ماد" بدأ يفكر في كلامه، ويحاول يحدد إذا كانت دي فكرة مدروسة وهل كانت تستحق، لكن المفاجأة كانت إن الأميرة ضحكت رداً عليه.
"ده... ده مش معقول، ماد. أنت أطرش؟
أنا الأميرة، ماد! عندي كل حاجة انت محتاجها!
عندي الجمال والجسد اللي كل الناس في كيشفاه كانوا بيشتهوا، متقدرش تعمل كده!
صاحت الأميرة بغضب شديد، وجسمها كله كان بينفجر من الغضب، وإيدها كانت بتمر بسرعة وبتحركها ورا ضهرها. "ماد"
ما قدرش غير إنه يحدق فيها، مش قادر يلاقي الكلمات المناسبة عشان يرد على رد فعل مراته المدمّر.
"أنا آسف، يا صاحبة السمو. لكن أنا قررت."، رد عليها بهدوء. الأميرة تراجعت خطوة لورا، ووشها كان مفتوح من الصدمة ودموعها كانت مغشية على عيونها، وبتنزلق زي الشلالات على خدودها.
"لأ..."، اهتزت الأميرة وسقطت على الأرض، ويدها على عيونها.
الشاب البطل ما قدرش غير إنه يبص للأسفل في مشهد الأميرة اللي قدامه، وأسنانه مشدودة وهو بيعض شفته السفلى بقوة
علشان يحس بالألم ويعبر عن صراعه الداخلي. ببطء، وقع على ركبته، ومشّى يده على شعرها البني، همس في ودنها ليطمنها ويهديها علشان توقف ترتجف.
لكن كان بعيد عن "ماد" يعرف إن الأحاسيس الحقيقية لمراته كانت مخفية وراء دموعها اللي كانت بتنزل.
صوت أنينها بدأ يهدأ وهي بترفع عينيها ببطء عليه. البطل ما لاقاش نظرة حزن خالصة في عيونها
لكن كان فيه نار مشتعلة فيها. "متقدرش تسيبني، ماد! أبدًا!"
صاحت الأميرة وهي بتغرس السكين المسموم في قلبه
وتلفه حوالين الجرح وهو بيشعر بالألم الشديد.
اتنزلوا الاتنين على قدمهم، عيون الشاب بتتلفت حواليه على السفينة، لكن مافيش حد جازف بالتحرك. الحقيقة ضربته زي صاعقة برق، لما أدرك إن موته كان مكتوب له من الأول.
العرسان الجدد كانوا بيبصوا في عيون بعض، وكل واحد فيهم مليان غضب
الأميرة تراجعت خطوة وخرجت السكين المسموم من قلبه،
أشارت للكابتن يتقدم، وهي حاسّة بالفخر لانتصارها في قتلها. "ارموه في البحر دلوقتي!"، قالت الأميرة وهي متجهمة، مشيرة لجوزها والموت المفاجئ اللي جاله
الأميرة خطت خطوة للأمام ونتزعت السلسلة من على رقبته، وعين "عاجار" كانت بتلمع في عينها، وابتسامة شريرة بتتسحب على شفايفها الملطخة بالدم.
"أنت... هتدفع تمان اللي عملته، يا أميرة."، البطل كان بيكافح علشان يتكلم، وهو حاطط إيده الزيتونية على مكان الطعنة. الأميرة تجاهلت كلماته، لأنها كانت مشغولة جدًا بمجوهراتها الجديدة.
الكابتن رمى البطل في البحر، وهو غرق في الأعماق المظلمة. حسّ كأنه طاير، ونور القمر كان بيلوح له بالوداع.
الأمواج اللي كانت بتخبط فيه كانت زي ما تكون متركمة عليه من كل ناحية، لكنه رغم كده كان حاسس براحة من الأعماق البعيدة.
"أنا عاجار، عدو عين البشر. مش هتبقى بطل تاني، لأنك هتكون خادمي. واحد بيخاف وبيقتل. هتعدي الحياة بعد الموت بعد ما تقتل مليون، زي ما قتلت خاصتي
بالقوة هأعطيك، وبالقوة هتقتل. مش هتكون ذهب كيشفاه تاني، لكن هتكون فساد الناس. بالقسم هأعطيك طعم السما، لكن في البؤس هأعطيك لو ما استجبت."
قالت عاجار، بينما رجل البطل اتحول جسمه بشكل غريب
رجليه التصقوا ببعض ليشكلوا ذيل سمكة طويل. أذنه البشرية تمددت وتحولت إلى شكل حورية بحر ذات حراشف زرقاء وزعانف على شكل أذنين
ذيله كان من دمج للونين الأزرق والأخضر، مثل حورية بحر. قميصه تمزق من على صدره وشعره الأسود بدأ يتحول لونه إلى الأزرق الرمادي الناعم.
أنسجة قلبه المجروح بدأت تتخيط لوحدها كأنها خيط إبرة، وكل شيء بدأ يتعافى. الشاب البطل اللي كان في يوم من الأيام شاب وسيم من البشر،
ما بقاش إنسان تاني، بل صار حورية بحر. القوة اللي حس بيها مع الخياشيم اللي ظهرت على جانبه، خلت قلبه يشعر وكأنه جزء من أعماق البحر.
اندفعت طاقة هائلة داخل جسده الجديد بفكرة واحدة في ذهنه
اندفعت طاقة هائلة داخل جسده الجديد بفكرة واحدة في ذهنه
في لحظة من الزمن، كانت الأميرة غارقة في الألم والذهول، وهي بتشوف جثة جوزها ودموعها بتسيل على وجهها،
وصوت البحر بيصرخ من حولها. كان ماد، اللي تحول لحورية البحر، واقف قدامها، عيونها مليانة غضب، ولكن قلبه مليان حزن.
"ماد..." همست بصوت ضعيف، مش قادرة تصدق إن ده هو اللي حصل
كل شيء كان مقلوب. اللي كان بطلها، اللي كانت بتظن إنه هيفديها بحياته، اتحول لأداة انتقام، ما بقىش الإنسان اللي كانت تعرفه. كل شيء انتهى.
كان ماد واقف قدامها، يتنفس بصعوبة وهو مش قادر يصدق نفسه.
كان قلبه يتألم على كل ثانية مرّت من حياته، على كل لحظة حب ضاعت منه
هو ما اختارش ده، هو بس كانت له قوى ما كانش قادر يتحكم فيها، وهو اتجبر عليها. لكن بغض النظر عن كل ده، اللي كان حاسه هو الوحدة العميقة، ووحشة قلبه المكسور.
"مش لازم تدمري كل شيء، يا صاحبة السمو... إحنا من أول كنتِ بالنسبة لي الحياة
مس بها، صوته كان مكسور كأن الكلمة ما طلعوش من قلبه
لكن دلوقتي، أنا ما بقتش أنا، ولا إنتِ إنتِ، كله انتهى
أمامه كانت السفينة الملكية لسة تطفو على السطح، لكن البحر كان بيناديه، وكان صوته أقوى من أي حاجة
كان قلبه بيقول له إنه لازم يروح بعيد، يسيب الدنيا كلها ورائه، ويعيش في الأعماق زي ما أصبح. لكن في عينيه كانت نظرة واحدة للأميرة، اللي كانت نفسها لو عادت الزمان... لكن ما فيش وقت للندم، وما فيش فرصة للعودة.
بخطوة ثقيلة، نزل ماد في البحر مرة تانية، وابتعد عن كل شيء. قلبه كان بيألمه أكتر من أي وقت فات، لكن كان فيه جزء صغير من قلبه برضه بيحس بشيء من السلام في الأعماق، بعيد عن الدموع، بعيد عن الوجع.
الأميرة ظلت واقفة، بتبص في الفراغ
الدموع ما توقفتش. الحياة كانت انفصلت عنها بشكل ما كانتش قادرة تتخيله،
كل شيء انتهى في لحظة. كان البحر هو الوحيد اللي شهد النهاية، وكانت الحكاية مجرد ذكرى حزينة عن حب ضاع، وحياة كانت ممكن تكون أفضل.
💘M
ردحذفروعه بجد
ردحذف♥️♥️♥️
ردحذف.....
ردحذف