نهايه العالم مع صراع الزومبي - روايه رعب
قد يعجبك
نهايه العالم - كاترينا يوسف
فاضل قد ايه؟
حركت عيني بغضب وأنا ببص لـ "هارد". السؤال ده اتسأل على الأقل عشر مرات من أفراد مجموعتنا، بما فيهم أنا، وابتدى يبقى سخيف
"هارد" رجعلي بابتسامة مائلة شوية، فبصيت بعيد، وأنا حاسه بخجل بيعلو على خدي. مهما فات الوقت، ابتسامته دايمًا كان ليها نفس التأثير.
"ندى" ردت من ورايا، وأصوات الورق بتتحرك وهي بتعدل الخريطة بتاعتها. "مش فاضل كتير. المفروض تكون قريب عند أول الناصية.
"الحمد لله" همس "أجاي" من جنبي اليمين، وماقدرتش أقاوم إني أوافقه. أنا بحب التلاتة دول، وإحنا بنتعاون كويس سوا، بس كل مرة بنطلع فيها في مهمة، بطريقة ما بيقدروا يعصبوني على الآخر
إحنا الأربعة - هارد، ندى، أجاي، وأنا - كان المفروض نجيب مجموعة من الناجين من وسط المدينة
اللي كانوا عملوا اتصال بالراديو مع القاعدة من كام يوم
المهمة دي كانت لسه مألوفة لينا، رغم إن مع مرور الأيام، بقت أقل وأقل، بسبب إن الناجين من نهاية العالم بسبب الزومبي إما لقوا مكان يستخبوا فيه أو خسروا حياتهم
المدينة كانت عبارة عن أرض خراب مليانة عربيات متروكة وزجاج مكسر، وأشياء متبعثرة من كل نوع، ومعاها أكوام من اللي ممكن يكونوا ناس زمان، لكن دلوقتي ما فيهمش غير هدوم مدمرة وعظام متشالة.
على الأقل، لحد دلوقتي ما ظهرش أي زومبي، وده كان مقلق لو فكرت فيه زيادة
المخلوقات دي عادة بتتحرك في قطعان، وفي الأسابيع اللي فاتت، لاحظنا إن القطعان بدأت تندمج وتكبر في مجموعات أكبر وأكبر
مواجهة زومبي واحد مش مشكلة كبيرة، لأنهم بطيئين وأغبياء
سهل التخلص منهم. لو عارف إنت بتعمل إيه، حتى مجموعة صغيرة منهم مش هتفرق كتير. لكن قطيع حقيقي، يعني عشرات الزومبي مع بعض؟ ده كان مجرد فكرة مرعبة.
حاجة خبطتني من الناحية الشمال. لفيت وبصيت لـ "هارد" وهو حاطط دراعه حوالين كتفي، ولسه بيضحك
هو أطول مني بشوية سنتيمترات، بس دايمًا بيستغل الطول ده لمصلحته، المرة دي اتكأ عليا بوزنه لحد ما اتلخبطت في مشيتي، وفضلت أضحك وأنا بدفعه بعيد
لكن ما بعدش كتير، ضيق مسكته وخلى دراعه يفضل حوالين كتفي، وأنا سبت له المساحة.
"أهو الضحكة ظهرت." قرب أكتر، شفايفه لامست خدي وهي بتتحرك ناحية ودني، واللي خلا رعشة تمر في ضهري
كنت بفكر، لما نرجع البيت، ممكن نفتح الزجاجة بتاعة "جاك دانييلز" اللي كنت مخبيها، ونعمل احتفال صغير؟
جعت لورا شوية وبصيتله، بابتسامته المايلة والشرارة اللي في عنيه العسلي. "ما كنتش فاكر إنك لسه متذكر."
ضحك. "بقالها ست سنين، يا رنا. إمتى عمري نسيت حاجة زي دي؟"
ضربته بكوعي في بطنه، لكن ده ما غيرش أي حاجة في بريق السعادة اللي في وشه
"عارف يا غبي، بس... ده أول عيد لنا من وقت نهاية العالم بسبب الزومبي. مع كل اللي بيحصل، فكرت إنك ممكن تكون نسيت الأيام أو حاجة. وبعدين، بعد كل اللي مرينا بيه، الموضوع غريب شوية إننا نحتفل."
ذراعه تشد، وجذب انتباهي تاني لوشه. ابتسامته اختفت، وده كان شيء نادر يحصل ليه
"علشان كده لازم نحتفل أكتر," قال. "بس لأن العالم بيخلص مش معناه إننا ما نقدرش ناخد شوية وقت بين الحين والتاني علشان نبقى سعداء."
"إنتوا الاثنين العشاق دول ممكن تهدوا شوية؟ دلوقتي دورنا." كان في نغمة مازحة في كلام "ندى"، وبصيت لها بغضب، لكن "هارد" زي العادة ابتسم ليها وخد خطوة بعيد وهو إحنا بنلف في الشارع الجاي
اللي لقيناه خلاني أوصل لإداتي السلاح اللي مربوط على فخدي اليمين، ومن السباب والأصوات اللي سمعتها لما "هارد" و"أجاي" سحبوا أسلحتهم، كان واضح إنهم عملوا نفس الشيء.
الشارع كان مليان على الأقل بحوالي عشرين زومبي، متجمعين حوالي مبنى في نص الشارع. ده ما كانش صدفة
فما كانش لازم "ندى" تقولي إن الناجين في المبنى. لو أي منهم عايش، ما فيش حاجة نقدر نعملها دلوقتي؛ الباب اتكسر ومش قادره أتخيل كام زومبي تاني جوه. اللي فضلين في الشارع كانوا متجمعين حوالي جسمين مش ممكن نعرفهم.
"إرجعوا، إرجعوا"
قلت، وكنت حريص على إني أخلي صوتي هادي، عارف إن ده مش هيغير كتير
لمحة سريعة من فوق كتفي ورّتلي إن "هارد" و"أجاي" اتجمعوا حوالي "ندى"، الممرضة اللي معانا وما معاهاش سلاح
إحنا تراجعنا، كل خطوة حذر وبطيء، بنحاول نتجنب جذب انتباه الزومبي اللي رفعوا رؤوسهم من على جثثهم، بيشُمّوا الهوى علشان يحسوا بوجود بشريين، يعني إحنا.
ما كانش لازم أكتر من رأس واحدة تلف، أو عيون ميتة مليانة ضباب تركز عليا علشان نبض قلبي يبدأ يسرع
"امشوا، امشوا، امشوا، امشوا!"
قلت، وأنا بتلف علشان ألاقي الباقيين كان عندهم نفس الفكرة بالفعل، وبدؤوا يركضوا. "هارد" كان وراهم، بيرمي نظرات من وراه، لكنه كان عارف شغله، وبيعمل شغل ممتاز في إنه يحط جانبًا حاجة زي حماية حبيبه علشان يحمي الممرضة بتاعتنا بدلًا منها.
في واحدة من النظرات اللي رماها وراه، عينيه اتسعت، والعنابي بتاعهم فيه شرارة من حاجة، صدمة، خوف، وبدأ يبطأ وهو بالضبط لما حاجة خبطت فيا من الجنب، وطرحتني على الأرض.
غبي، كان لازم أكون مركز في محيطي مش في حبيبي. كنت فاتني زومبي مخبي ورا عربية، واللي ممكن يكون آخر خطأ أعمله في حياتي.
وقعت على الأرض بقوة، نفسي اتوقف، وماكانش عندي وقت كافي لأرفع إيدي علشان أوقف الزومبي من إنه يعضني
في العشر شهور اللي فاتت من بداية نهاية العالم، قتلت أكتر من زومبي مابقتش قادره أعدهم
لكن مكنتش عمري قربت كده من واحد. هي كانت مرة امرأة، شعرها طويل ومتهالك، بيقع حوالينا
كان معايا سلاحي في إيدي، لكن ماقدرتش ألاقي المسافة بيني وبينها علشان أوجهه. وشها كان قريب جدًا من وشي، نفسها الكريه خنقني.
ماسمعتش صوت الطلقة، لكن حسيت بوزنها بيقع عليه، وشفت النور الخافت اللي كان في عينيها بيختفي لغاية ما بقى مفيش.
ده مش أول مرة شوف فيها الموت، مش مع الوضع اللي العالم فيه خلال العشر شهور اللي فاتت، لكن دي كانت أول مرة أبص في عيون الموت بشكل مباشر، وده كان صدمة كفاية علشان خلاني أضل جالس مكانى شوية أطول من اللي المفروض.
"رنا!" صوت "هارد" شدني من صدمتي. دفعت الزومبي الميت بعيد و قعدت، والعالم كان بيدور حواليه، وكل حاجة كانت بتمشي ببطء
أو يمكن أنا اللي كنت ماشي ببطء. كان "هارد" واقف على بعد حوالي خمسة عشر ياردة، سلاحه لسه مرفوع، وعينيه مركزة عليا، و"ندى" و"أجاي" ورا منه، كل واحد ماسك في كتفه. حتى مع المسافة بينا، حتى مع الضباب اللي كنت حاسس إنه صدمة بدأ يغشي عقلي، كنت قادره شوف الرعب
والخوف في عيونهم الواسعة، "ندى" كانت حاطّة إيدها الحرة على فمها، و"أجاي" مش باصص ناحيتي، و"هارد"... "هارد" كان واقف متجمد في مكانه، سلاحه بيهتز في إيديه. رد فعل "هارد" كان الأكثر وضوحًا
عينيّ نزلت من على أصدقائي ليدَيّ، لذراعي... الدم على ساعدي الشمال. دمي... من عضّة. عضّة زومبي. مكنتش حاسس بيها لما حصلت، ومش حاسس بيها دلوقتي، لكن كانت هناك، وكلنا عارفين معناه إيه.
بصيت لليسار، بعيد عن أصدقائي، حيث كان فيه حوالي دزينة من الزومبي متجمعين وبيزدادوا في قوتهم. لما كنت بتخيل موتي وده كان شيء شائع في تفكيري من يوم بداية نهاية العالم
كنت دايمًا أتوقعه يكون بسبب حاجة زي دي، قطيع، أعدادهم بتغلب على أي حد، مش بسبب زومبي واحد فاجئني. كنت فاكر، لو هخسر حياتي، مكنش هيكون بسبب حادثة، هيكون ليه معنى، هضحي بحياتي لسبب.
سبب زي إنقاذ أصدقائي.
ماكانش سهل إني أرجع على رجلي. إيديّ كانت بترتجف، وركبتي بترتجف، ومش قادره أمسك وزني. شفت الخزنة في مسدسي
تأكدت إن الأمان اتشال. أخدت نفس عميق، هزيت نفسي علشان أضبط أعصابي. يمكن ما تقدرش تقاوم الصدمة بالإرادة فقط، لكن أنا هحاول. كمان، أنا محتاج كام دقيقة بس.
"إيه هارد؟" ناديت، وأنا بلف لاقيت أصدقائي لسه في نفس الوضع، إلا إن "هارد" كان نازل سلاحه.
"آسف إننا مخلناش الاحتفال ده يحصل." كانت عيون "هارد" العسلي لامعة بالدموع
ودموع زيها كانت بتلمع في عينيّ أنا كمان،
لكني ما كنتش هخليها تقع. ما كانش في وقت لدموع دلوقتي. أخدت نفس عميق تاني وابتسمت ليه، ابتسامة أخيرة. لو ده هيكون آخر ذكرى ليه عني، يبقى أفضل أكون مبتسم بدل ما أكون باكي. "ما تبصش، تمام؟ و... بحبك."
لفيت ضهري ليهم، وواجهت القطيع اللي كان بيقترب. انشغالهم بالوجبة الأخيرة خلانا نكسب شوية وقت، لكنهم بدأوا يكتسبوا سرعة دلوقتي. رفعت مسدسي، وثبت رجلي علشان آخد آخر وقفة ليا.
"استنى! رنا!" وقفت، وبصيت ورايا. كان "هارد" شال "كيارا" و"أجاي" واتقدم شوية
وقف، إيديه مرتخية على جنبيه، وسلاحه في الحزام بتاعه
كان صعب إني أبص في عينيه، وصعب إني أشوف وشه مغمور بالألم. عينيه انتقلت من عندي للقطيع اللي ورايا قبل ما ترجع تركز فيا تاني. "لو سمحت."
"وقتينا خلص." قلت، وأنا برفع ذراعي الشمال كدليل. "من فضلك، سيبني أكمل بالطريقة بتاعتي."
عينيه كانت بتدور في عينيّ. أخد نفس عميق، وصدره كان بيرتجف. "بحبك كمان," قال، بصوت أخف من قبل، يكاد يكون خافت لدرجة إني كنتش متأكدة إني سمعت صح بسبب المسافة بينا.
بتسمت ليه ابتسامة أخيرة، وكان نفسي يبتسم ليّ، لكني فهمت ليه ما قدرش. "كيارا" و"أجاي" كل واحد منهم مسك ذراعه. فضلت أبص لحد ما شلتهم ولفوه بعيد، علشان أتأكد إنه مش هيشوف اللي هيحصل بعد كده.
وبعدين لفّيت علشان أواجه مصيري بالطريقة اللي عارف إنها صح؛ مسدسي في إيدي اليمين، خنجر في إيدي الشمال، ومعرفة إن أصدقائي، وإن "هارد"، هيعيشوا علشان يقاتلوا يوم تاني.
كان صوت خطوات الزومبي يقترب مع كل ثانية تمر، وكان قلبي ينبض بصوت أعلى من أي وقت مضى، على الرغم من معرفتي أنه قريبًا سيصبح هذا الصوت مجرد ذكرى.
ي اللحظة التي اتخذت فيها قراري، كنت أعلم أنني لا أستطيع الهروب منه. حتى لو كنت أقاتل بشجاعة، كنت فقط أؤجل اللحظة الحتمية. لكنني قررت أن أكون كما كنت دائمًا – قويًا، عازمًا، حتى في اللحظات الأخيرة
الزومبي كانوا قد اقتربوا الآن، كالحيوانات المفترسة التي لا تعرف الرحمة. ومع كل ضربة للمسدس وكل طعنة بالخنجر، كنت أقترب أكثر من مصيري. كانت يدي ترتجف، وكل حركة كانت مرهقة، لكنني واصلت القتال.
فجأة، في الزحام، شعرت بشيء ثقيل ينهار عليّ. زومبي آخر كان قد خطفني من الخلف، أسنانه الغريبة تغرس في جسدي. لكن، حتى مع الألم الشديد، كنت أشعر بشيء آخر. شعور بالسلام الغريب، وكأنني قد فعلت ما يجب فعله.
وأنا في آخر لحظة، عندما كانت العتمة تغشي عينيّ، تذكرت هارد. تذكرت ضحكته، حبه، وعده لي. "سأظل معك في كل لحظة، حتى لو كنت بعيدًا." كانت هذه كلماته. كان صوته في أذني، في ذاكرتي، رغم كل شيء.
وبينما كنت أغلق عينيّ وأستسلم للظلام، كان آخر شيء شعرت به هو وجود أصدقائي حولي
رغم أنهم لم يكونوا هناك فعليًا. شعرت بأنهم لن ينسوني أبدًا، وأنني تركت جزءًا منهم في قلوبهم.
"لن أنساك أبدًا، هارد"
J & M ❤❤
ردحذفحلوه اوى
ردحذف